سورة الانفطار - تفسير تفسير البيضاوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الانفطار)


        


{إِذَا السماء انفطرت} انشقت.
{وَإِذَا الكواكب انتثرت} تساقطت متفرقة.
{وَإِذَا البحار فُجّرَتْ} فتح بعضها إلى بعض فصار الكل بحراً واحداً.
{وَإِذَا القبور بُعْثِرَتْ} قلب ترابها وأخرج موتاها. وقيل إنه مركب من بعث وراء الإثارة كبسمل ونظيره بحثر لفظاً ومعنى.
{عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ} من عمل أو صدقة. {وَأَخَّرَتْ} من سيئة أو تركت، ويجوز أن يراد بالتأخير التضييع وهو جواب {إِذَا}.
{يا أيها الإنسان مَا غَرَّكَ بِرَبّكَ الكريم} أي شيء خدعك وجرأك على عصيانه، وذكر {الكريم} للمبالغة في المنع عن الاغترار فإن محض الكرم لا يقتضي إهمال الظالم وتسوية الموالي والمعادي والمطيع والعاصي، فكيف إذا انضم إليه صفة القهر والانتقام والإِشعار بما به يغره الشيطان، فإنه يقول له افعل ما شئت فربك كريم لا يعذب أحداً ولا يعاجل بالعقوبة، والدلالة على أن كثرة كرمه تستدعي الجد في طاعته لا الانهماك في عصيانه اغتراراً بكرمه.


{الذى خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ} صفة ثانية مقررة للربوبية مبينة للكرم منبهة على أن من قدر على ذلك أولاً قدر عليه ثانياً، والتسوية جعل الأعضاء سليمة مسواة معدة لمنافعها، والتعديل جعل البنية معدلة متناسبة الأعضاء، أو معدلة بما تسعدها من القوى. وقرأ الكوفيون {فَعَدَلَكَ} بالتخفيف أي عدل بعض أعضائك ببعض حتى اعتدلت، أو فصرفك عن خلقه غيرك وميزك بخلقة فارقت خلقة سائر الحيوان.
{فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ} أي ركبك في أي صورة شاءها، و{مَا} مزيدة وقيل شرطية، و{رَكَّبَكَ} جوابها والظرف صلة {عدلك}، وإنما لم يعطف الجملة على ما قبلها لأنها بيان لعدلك.
{كَلاَّ} ردع عن الاغترار بكرم الله وقوله: {بَلْ تُكَذّبُونَ بالدين} إضراب إلى بيان ما هو السبب الأصلي في اغترارهم، والمراد {بالدين} الجزاء أو الإِسلام.
{وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لحافظين كِرَاماً كاتبين يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} تحقيق لما يكذبون به ورد لما يتوقعون من التسامح والإِهمال، وتعظم الكتبة بكونهم كراماً عند الله لتعظيم الجزاء.
{إِنَّ الأبرار لَفِى نَعِيمٍ وَإِنَّ الفجار لَفِى جَحِيمٍ} بيان لما يكتبون لأجله.


{يَصْلَوْنَهَا} يقاسون حرها. {يَوْمِ الدين}.
{وَمَا هُمَ عَنْهَا بِغَائِبِينَ}. لخلودهم فيها. وقيل معناه وما يغيبون عنها قبل ذلك إذ كانوا يجدون سمومها في القبور.
{وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدين ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدين} تعجيب وتفخيم لشأن ال {يَوْم}، أي كنه أمره بحيث لا تدركه دراية دار.
{يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً والأمر يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} تقرير لشدة هوله وفخامة أمره إجمالاً، ورفع ابن كثير والبصريان {يَوْم} على البدل من {يَوْمِ الدين}، أو الخبر المحذوف.
عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة إذا السماء انفطرت كتب الله له بعدد كل قطرة من السماء حسنة، وبعدد كل قبر حسنة» والله أعلم.